يقول مارتن لوثر كينغ “لا يستطيع أحدٌ ركوب ظهرك ، إلا إذا كنت منحنياً”، وبالفعل من انحنى يومًا سينحني دائمًا وأَبَدًا، وهو حال جارتنا الشرقية بعد تعاظم عار التطبيع عبر إبرام عدة اتفاقيات مع الكيان الصهيوني النازي في مجالات عدة، من تعاون زراعي يستنزف المياه الجوفية في بلد يعاني من الجفاف، وصولًا إلى الثقافة والاقتصاد والسياحة.. وذهبت الى ما هو أبعد من ذلك باتفاقيات أمنية وعسكرية غير مسبوقة تفوق اتفاقيات أبراهام التي رعاها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بل تجاوزت قضايا الدفاع إلى الاستخبارات، مستبيحة عرضها وأرضها وبحرها وسمائها، لحد بناء قاعدة عسكرية إسرائيلية على بعد 180 كلم من الجزائر.
لا بد من الإشارة إلى أن جارتنا الشرقية، التي سبق وأن أرادت أن تمد لنا يدها الملطخة بدم الأبرياء، منحت موافقة لهذا الكيان الغاصب، لكي يشيد قاعدة عسكرية جوية، جنوب مدينة مليلية المحتلة، وبالضبط بلدة “أفسو”، وفقا للمشروع الذي تم الاتفاق عليه نهاية نوفمبر 2021 خلال زيارة وزير دفاع كيان الفصل العنصري الإسرائيلي، بيني غانتس رفقة وفد مؤلف من خبراء ومسؤولين يمثلون صناعة السلاح، إلى زريبة المروك، ومن بين بنود هذا الاتفاق، إنشاء مصنعين متخصصين في صناعة الطائرات المسيرة الحربية أحدهما في شمال شرق وجنوب المغرب، يشمل أيضا نقل التكنولوجيا الحربية الإسرائيلية المتعلقة بالدفاع والهجوم.
من المضحكات المبكيات، أن كل هذه التنازلات التي يقدمها نظام المخزن لحلفائه الصهاينة ليست كافية لكسب قلوبهم المريضة المتعفنة، وبين الفينة والأخرى يخرج الإعلام الصهيوني لتقطير الشمع على جلد الرباط ، فالمتابع لعلاقات المغرب مع حليفته “إسرائيل” التي ضلت تدرس الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، منذ ذلك الحين بعد تغريدة دونالد ترامب التي أخذها معه العصفور الأزرق، يتذكر كيف هاجمت صحف عبرية شخص ملك المغرب محمد السادس مباشرة بعد انضمام الرباط لاتفاق أبراهام ، وأصدرت تقارير مفصلة عن اختفاء طليقته، ووالدة أبنائه الحسن وخديجة، الأميرة لالة سلمى.
وعلى الرغم من استفزاز نتنياهو للمغاربة بالخريطة منذ أيام ، إلا أننا لم نسمع صوتا للجارة الغربية، خاصة وأن الأمر سبق أن تكرر في أكتوبر 2023، حيث جرى عرض خريطة مشابهة في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام شاشات الكاميرا، إبان استقباله لنظيرته الإيطالية، وهو استفزاز مباشر لمملكة 100 قرن، التي لا يجرؤ ملكها على رفع نظّارته التي يقيس بها صدق حلفائه أمام أسياده الصهاينة، شأنه شأن باقي المطبعين العرب الذين يسبحون باسم كبيرهم نتنياهو، فكما يقول المثل ” إذا كنت ديكاً فارفع عقيرتك بالصياح ، أما إذا كنت دجاجة فضع بيضتك واصمت”.
قد تنطوي على الشعب المغربي تبريرات المجرم نتنياهو الذي أشار في بيانه إلى أن إشهار الخريطة بذلك الشكل “وقع بالخطأ غير المقصود” ، ولا يلام المواطن المغربي البسيط المنشغل بشظف العيش اليومي و محاربة الغلاء و الفقر والتهميش، ويتعرض يوميا لهندسة العقول من طرف عضاريط المخزن، ونخب التلوين والهرطقة، ولكن ما لا يعلمه جيراننا الذين يسبون شهداءنا، هو أن نظام المخزن باع زريبته بمن فيها للصهاينة، وخير دليل على ذلك التواطؤ المباشر في إبادة إخواننا في غزة، بمشاركة حوالي 4000 جندي مغربي في الحرب، وهذا غيض من فيض للتسهيلات والمساعدات التي يقدمها المحتل المغربي نصرة للمحتل الإسرائيلي.
بقلم ليلى بعير