الثلاثاء 18 مارس 2025

هل فشلت “إيكواس” في كبح التمدد الروسي في الساحل؟

اكتفى الاتحاد الأفريقي بالتعبير عن “أسفه البالغ” لقرار الأنظمة العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر الانسحاب “الفوري” من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، و يعتبر هذا القرار خبرا سيئا بالنسبة لأوروبا -فرنسا تحديدا- وكذلك لافريقيا التي ستتحمل عبىء التداعيات على المنطقة.

لا يخفى على أحد أن طريقة تعاطي “إيكواس” مع موجة الانقلابات الأخيرة في دول الجنوب الكبير أضعف سمعة هذه المجموعة التي تعتبر إحدى التجمعات الإقليمية الأكثر اندماجا في القارة الإفريقية، خاصة بعد الانقلاب العسكري في النيجر في جويلية 2023، بعدما لجأت المجموعة للضغط من أجل عودة المدنيين إلى السلطة في أسرع وقت، بل وذهبت إلى حد إغلاق الحدود البرية والجوية مع النيجر وفرض عقوبات شديدة على الدول الثلاث، والتهديد باستخدام القوة مع الانقلابيين.

احتدام الصراع الجيوسياسي في المنطقة

لقد أثارت الانقسامات السياسية والعسكرية الأخيرة شروخًا عميقة بين دول المنطقة، خاصة بعد استيلاء الجيش على السلطة في مالي عام 2020، ثم بوركينا فاسو عام 2022، وأخيرا النيجر في 2023، ما أدى إلى احتدام الصراع على الهيمنة بين روسيا وفرنسا بشأن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” التي تأسست في 28 ماي 1975 بمدينة لاغوس في نيجيريا، وتضمّ تحت مظلتها 15 دولة إفريقية.

ولعل من أكثر الأسباب التي دفعت بوركينا فاسو ومالي والنيجر إلى الانسحاب من  “إيكواس” هو ابتعاد هذه المجموعة عن فلسفتها التأسيسية والوحدة الإفريقية، خدمة للهيمنة الفرنسية وهو ما أكدته الدول الثلاث الموالية للمعسكر الشرقي، في بيانها المشترك، الأحد،  حيث بررت هذه الخطوة بالقول أن إكواس “تحت تأثير قوى أجنبية، تخون مبادئها التأسيسية وباتت تشكل تهديدا لدولها الأعضاء وشعوبها”.

و قررت مالي وبوركينا فاسو والنيجر ، التي تفتقر إلى منفذ بحري، الانسحاب من “إيكواس” والتأسيس لأرضية مشتركة، بعد اعلانها إنشاء اتحاد عسكري جديد باسم “تحالف دول الساحل” المقرّبة من روسيا والصين، ومحاولة تطبيق العملة الوطنية الخاصة بها، ليبدأ الاستقطاب بين دول المجموعة.

هل فشلت “إيكواس” في كبح التمدد الروسي في إفريقيا؟

تبنى قادة الانقلاب خطابا جديدا يعتمد على المشاعر المعادية للغرب لتعبئة المجتمع  في إطار الوعي العرقي والوطني، تمهيدا للاستقطاب بين الشرق والغرب، في حين فشلت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في التكيف مع المعطيات الجيوسياسية الجديدة في المنطقة.

ان تراجع نفوذ الغرب وعلى وجه الخصوص فرنسا، الدولة الأكثر دعما لمجموعة “ايكواس” في السنوات الأخيرة، ينذر بمرحلة جديدة من الهيمنة الروسية على دول الساحل، في ظل الواقع الجيوسياسي الذي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم في إفريقيا، مع تصاعد عدد ونوعية الجهات الفاعلة الاقليمية وغير الإقليمية (روسيا والصين) الأكثر دعما للدول الإفريقية، ما سيقلل من تأثير “إيكواس” على الدول الأعضاء فيها.

ومع الإعلان عن تشكيل ما يسمى ب “فيلق إفريقيا” الروسي  مطلع العام 2024 ليحل محلّ مجموعة “فاغنر” المتواجدة في عدد من الدول الإفريقية ، وإرسال 200 جندي إلى بوركينا فاسو الأسبوع الماضي، تم توفير مظلة أمنية للأنظمة العسكرية، ما زاد من احتدام الصراع بين روسيا والغرب على الهيمنة والنفوذ في القارة الإفريقية، على غرار الفاعلين الإقليميين والدوليين الآخرين الذين يلعبون أدوارا مختلفة، كالإمارات العربية المتحدة وتركيا وايران..

بقلم ليلى بعير

 

عن قسم التحرير

تحقق أيضا

مناضل من أجل فلسطين يقبع في السجن الفرنسي منذ عقود

سمعنا كثيرا عن عنتريات “فرنسا دولة الحق والقانون” الكاذبة، ولكننا، لم نسمع كثيرا عن جورج …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: